الأحد، 10 يوليو 2011

يا ولاد الوسخــــــــــــــــه أنـــــا ثاير



بخضه شديده وشهقة طويله يوقظه صوت المؤذن.. أنه أذان الفجر .. هواءً بارداً يلفح وجهه مختلطاً برائحة القنابل المسيلة للدموع .. دماء على الطريق المقابل –القريب- له .. يعاني من  تكسير في كل عضله في جسده نتيجة ليله فائته قضاها بين الكر والفر و الهروب من بعض القنابل و الطلقات المطاطية والخراطيش لاهثاً من الجري المتواصل في إنقاذ المصابين .. 

يكاد يغشي عليه من التعب .. يقف في منتصف الطريق متأرجحاً .. يحاول استرجاع  شريط ما حدث بالأمس .. يكاد لا يصدق .. نفس المشاهد تتكرر .. نفس أسلوب كلاب الداخلية بمدرعاتهم و أسلحتهم ..نفس الطلقات .. نفس القنابل و لكنها أشد قوه .. يسترجع صرخة إحداهم حتى التشنج إثر واحده استهدفه بجانب وجهه بالتحديد  ..

 وذاك الضوء الأبيض الخافت البعيد .. لم يري  شيئاً من هذا الزحام الهائل بوضوح .. سوي رؤوس كثيرة .. أيادي مرتفعه بعلامات النصر .. وصرخات عاليه " مش هنخاف مش هنطاطي إحنا خدنا على المطاطي " .. وكل ما يأتي من هناك حفنه من الشباب يحملون شابا تسبقه دمائه علي الأرض يصارعون  معه من أجل الإبقاء عليه حياً .. 

الآلاف المعتصمين يرقدون بجانبه تآكلهم البرودة .. ينظرون إلي بعضهم في نظره من الاستغراب والحماسة الغريبة.. صمت رهيب و ترقب بالغ..- فقط يعرفون إنها ثوره - .. وها هي مدرعات الداخلية قد أتت ثانيه بعد انسحابها البارحة ..
 بالقرب منه فتيات و شيوخ و أباء و أمهات ..حتى شباب صغار السن يقتربون من سن العشرين ذو تيشرتات مقطعه تظهر آثار البهدلة و الحماس والجرأة عليهم بشده بدئوا معهم إعتصام مفتوح ..
هاتفه الذي لا يصمد أكثر من دقيقه .. فتكون أمه مره .. و أخته الصغيرة مره أخري .. يهاتفونه كل ثانيه بذعر شديد للاطمئنان عليه  .. وها هي رسالة من صديقه يحذره أن التليفزيون المصري كعادته المضللة الكاذبة يطلق الإشاعات " بأنكم شويه بلطجيه " .. فيرد عليه ضاحكاً في رسالة " قولهم أنا ثاير يا ولاد الوسخه ..! " 

صباح يوم تالي قد هل .. العدد يتزايد .. الشرطة تتكاثف .. المدرعات تقترب .. تعلو الصرخات والهتافات بأنه "اعتصام اعتصام حتى يسقط النظام .." لتتضاعف دقات قلبه مع كل هتاف .. يردد بداخله  مؤكداً  المشهد لعيناه مراراً.. نعم إنها الثوره .. 

الآن ..الحديث يدور حول شارع محمد محمود .. و قنابل الغاز التي تحاصر المتظاهرين هناك .. الشارع الذي تندلع فيه ثوره حقيقية .. " صاحبي محمد هناك .."  تنبهه لذلك أخيراً ..!!  يستعين بكمامة من احدي أهالي الشهداء .. يربت على كتف أم الشهيد : محمود  .. هامساً لها .. " دم ابنك مش هيضيع هدر يا حجه " ... 

 صوت طلقات بعيد ..و يقترب أكثر .. كاد أن يصل ..وقبل أن يكون هناك بدقائق ..هذا ضابط أمن مركزي يظهر فجأة من جوف مدرعة هائلة الذي لا يكاد يتعرف على ملامحه من غطاءه الزجاجي .. يصيح لباقي الضباط " بلطجي .. بلطجي "!! و كأنه تحذير مسبق أو مبرر لما سيفعله .. يقف الزمن لثوان .. يحدقان إلي بعض في تحد واضح .. حتى تلتقي حدقتا عيناهما لبرهة .. يعم الهدوء المكان فجأة .... وها هي خرطوشه غاضبه خرجت بإذن الضابط لتستقر في صدره..و بابتسامه عريضة يستقبلها حاضناً لها .. و بنفس نص الرساله صارخاً..

"  يا ولاد الوسخــــــــــــــــه أنـــــا ثاير..!!!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق